كيف تبني ثقتك بنفسك
الثقة بالنفس ليس كلمة تنطق بها الأفواه، كما أنها ليست حرفة أو مهنة، لكنها منهج حياة وأسلوب يقود صاحبه نحو النجاح والتفوق في أموره الشخصية والعملية، لكن مصطلح الثقة بالنفس قد يبدو معقدًا بالنسبة للبعض نظرًا لاختلاف وجهات النظر في التعبير عنه، مما جعل البعض يشعر وكأنه شيء لا وجود له حقيقة وإنما هو مجرد كلمات يطلقها البعض أو صفات ينسبها لنفسه..
لكن الحقيقة أن الأمر مختلف تمامًا وليس كما يعتقد البعض، فاختلاف وجهات النظر في تفسير مصطلح الثقة بالنفس ليس معناه اختلاف المعنى، فكلها تعبيرات وآراء تصب في اتجاه واحد وهو أن الثقة طريق النجاح..
في هذا المقال سوف نتعرف معًا على أهم الأسس السليمة لبناء الثقة بالنفس، ويمكن إجمال هذه الأسس فيما يلي:
- تعرف على نفسك
- آمن بقدراتك
- اتخذ قراراتك
- امضِ في طريقك
تلك الأسس الأربعة أهم ما توصلتُ إليه بعد قراءة مستفيضة وتجارب كثيرة في الحياة العملية، فقد حاولتُ استخلاص كل ما يمكن أن تحتاج إليه عزيزي القارئ لبناء ثقتك بنفسك.. فهيا لنبدأ رحلتنا معًا..
تعرف على نفسك
كثير من الأشخاص لا يعرف من هو، وما هي هويته، وما هو وضعه الاجتماعي، وماذا يمثل بالنسبة للآخرين.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يعرف ماذا يريد ولا كيف يبدأ ولا متى، لا دراية له أساسًا بوجوب معرفته بتلك الأمور ويظن أن لا حاجة له بها..!!
فمثل هؤلاء الأشخاص يعانون بشدة من فرط الحيرة وضعف الهمة وانعدام الثقة، وإذا أردت عزيزي القارئ أن تُقلع عن تلك الصفات جميعها أو إحداها فلنذهب سويًا إلى مكان آخر..
بداية عليك أن تسأل وتُجيب على نفسك.. من أنا؟
هنا ستحدد إجابتك مدى استعدادك لبدء أول خطوة نحو بناء ثقتك بنفسك، فعليك ألا تتردد فهذا ليس امتحان دراسي يقيدك بإجابة معينة، عليك أن تُجيب وفقًا لما تحب أن ترى نفسك عليه، فهل أنت الشخص الإيجابي.. حسنًا فالإجابة تبدو مناسبة تمامًا وأكبر دليل على ذلك أنك لازلت مستمرًا في قراءة الموضوع..!
لعلك اكتسبت طاقة إيجابية الآن.. حسنًا فلننتقل إلى خطوات بسيطة في هذا البند.. فكر جيدًا ماذا تعني بالنسبة لمن حولك.. أقصد المقربين منك؟ وما هي صفاتك المحمودة بالنسبة لهم؟
إجابتك ستحدد بعض سماتك الشخصية التي تتميز بها عن غيرك وستسعى لتنميتها دائمًا.. ومن هنا عليك ألا تنسى صفاتك، وكن واثقًا بأنك حقًا تتمتع بتلك المميزات ولا تقبل التشكيك من أحد.
ثم عليك أن تحدد ماذا تريد..؟ وما هي قدراتك حاليًا؟
إذا حددت ما تريد وما هي قدراتك.. حاول أن تجري مقارنة بسيطة بين ما تحتاجه أهدافك من أجل تحقيقها وبين قدراتك الحالية، هنا ستكون أن المستفيد الأول في كل الأحوال.. هل اندهشت من ذلك؟! لا تقلق سنتعرف على ذلك..
فلنفترض أن قدراتك كانت أقل من الإمكانيات المطلوبة لتحقيق هدف معين.. فهنا سوف تتمكن من التصرف في حدود المتاح لديك دون أن تجازف وتُفاجئ بالإخفاق!! ولا شك أن ذلك يعزز ثقتك بنفسك.
وعلى العكس من ذلك نفترض أن قدراتك تتناسب تمامًا مع المطلوب فهنا ستقدم على خطواتك دون خوف وهذا من أهم مظاهر الثقة.
آمن بقدراتك
بعد أن تعرفت على نفسك واستكشفت قدراتك أصبح من المهم جدًا أن تؤمن بها، ولا تقبل التشكيك مهما قابلت من صعوبات، فتحقيق النجاح لا يأتي دون صعوبات، ولكنه أيضًا لا يكون معضلاً إذا ما حاولنا الوصول له من الطريق الصحيح.
ونظرًا إلى أن المحبطين أصبحوا ينتشرون بكثرة ولا مفر من مقابلتهم فتوجد بعض الوسائل والطرق لتفادي الطاقة السلبية التي يطلقونها..
لا تخبرهم عن هدفك..
ولعلك تعرف لماذا.. بالطبع كلما أخبرتهم سيحاولون إحباطك وتقليل عزيمتك ربما عن قصد أو غير قصد..
لا تجادلهم..
كثرة الجدال مع هؤلاء لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ولن تجني من ورائها إلا كثرة الكلام دون فائدة تُذكر.. فتجنب الدخول معهم في نقاش.
لا تستشير أي منهم..
في طريقك نحو تحقيق هدفك فأنت في حاجة إلى طاقة إيجابية وثقة بالنفس وهذا ما قمت ببنائه في خطوات سابقة، فلو قمت باستشارة من هم لا يمتلكون ثقة بأنفسهم سيعيدونك للوراء بإحباطهم وسلبيتهم.. فكن حذراً.
اتخذ قراراتك
بعد وصولك لمرحلة القناعة التامة بقدراتك وما تريد تحقيقه مستعينًا بتلك القدرات فإنك الآن قد أصبحت مؤهلاً لاتخاذ ما يلزمك من قرارات.. لا تقف مترددًا وابدأ في دراسة القرار وأطلق العنان لعقلك بالتصرف.. فهذا من شأنه أن يعطيك قوة ذهنية ونفسية وهذا ما تحتاج إليه في رحلتك نحو بناء ثقتك بنفسك.
ولا تنسى عزيزي القارئ أن كل قرار له تبعات، فلا داعي للتراجع وعليك الثبات وتحمل التبعات.. فطالما أنك لا تؤذي أحدًا فأنت سيد قرارك.
ولنضرب مثالاً على ذلك: فلو أنك قد قمت بتحديد قدراتك واستكشاف مهاراتك ووجدت أنك تمتاز بمهارة استخدام أجهزة التكنولوجيا، ومن هنا حددت هدفك بأن تصبح رائدًا في هذا المجال، ووجدت أن ذلك يحتاج منك للسفر إلى إحدى البلدان لتلقي دورات تدريبية، ولديك الإمكانيات المادية والمعنوية للقدوم على تلك الخطوة ولكن تتبقى خطوة اتخاذ قرار السفر.. فما الذي يمنعك إذن؟
هنا تبدو قوة اتخاذ القرار سمة هامة تميز الشخص عن غيره، وفي هذا الشأن يقول أحد رواد التنمية البشرية “الفاشل نوعان: أحدهما فعل ولم يفكر، والآخر فكر ولم يفعل”
فلا تتردد في اتخاذ قراراتك ولا ترجع إلى الوراء..
امضِ في طريقك
الفرق بين النجاح والإخفاق خطوة.. فلنتخيل أنك تصعد سُلمًا يتكون من مائة درجة، وعلى قمة السلم توجد هدية كبيرة من أجلك.. فهل تظن أنك تستطيع الحصول على تلك الهدية دون أن تتجاوز جميع درجات السلم؟؟!
بالطبع ستكون الإجابة لا حتى ولو تجاوزت القدر الأكبر من درجات السلم، بل إنك حتى ولو وصلت لتسع وتسعين درجة فلن تحصل على الهدية أيضًا.. والسبب معروف وهو أنك لم تكمل الطريق حتى النهاية.
وبعد المثال السابق أعتقد عزيزي القارئ أنك قد فهمت المغزى حيث يجب عليك أن تمضي في طريقك نحو تحقيق الغاية، ولا تقف مهما بلغت من جهد وتعب.. فتحقيق الحلم يستحق العناء، وطعم النجاح سيُنسيك ما عانيت.
وهنا نكون قد وصلنا لنهاية الموضوع وتعرفنا معًا على أسس وطرق بناء الثقة بالنفس، حاول أن تطبقها تدريجيًا وبطريقة صحيحة وسوف تلاحظ الفرق الهائل بين ما كنت عليه في السابق وما أصبحت عليه الآن.. دمتم في رعاية الله وحفظه.