
خمس خطوات لتغيير الروتين اليومي
الروتين يهبط العزيمة ويقلل الرغبة في بذل النشاط وربما في ممارسة الحياة بشكل طبيعي، فتصبح الحياة بلا هدف، وتسيطر العشوائية على التصرفات، سواء على مستوى العمل أو الحياة الشخصية..
لابد أن يكون هناك جديد حتى تتجدد الرغبة وتتصاعد الطموح ويشتعل النشاط، الأمر الذي يثير التساؤل حول مدى تأثير الانعزال في سيطرة الروتين على حياة الأشخاص، وكيفية التغلب على تلك المشكلة.. وهل من خطوات عملية تساعد في تحقيق النتيجة المطلوبة..؟
هذا ما سنجيب عليه من خلال المقال التالي:
تأثير الانعزال
تلعب الوحدة دورًا لا يمكن إنكاره بالنسبة للملل والروتين الذي قد يسيطر على حياة أي منا في فترة ما من العمر، بل قد يصل الأمر بالبعض إلى حالة من اليأس والإحباط قد لا يصبح معها قادرًا على النهوض..
ولا شك أن احتمالية التعرض لحالات الاكتئاب تزيد عند الشخص الذي يميل إلى الانعزال أكثر من الشخص الاجتماعي، وهو ما يدعم القول بأن الانعزال يمثل السبب الأبرز في الروتين والملل..
يقول أحد الفلاسفة “حاول أن تبوح بمشاعرك وأحزانك لأمك أو أبيك، أو صديق لك، أو حتى حيوان فهذا سيفي بالغرض”
وفي إطار تحليل هذا القول نرى أن ما دعا هذا الفيلسوف لذاك القول هو التأثير السلبي للكتمان على الحالة المعنوية للشخص، وهو ما يساهم بدوره في توقفه عن ممارسة أي نشاط من شأنه أن يدخل له مهام جديدة وتحديات ومسئوليات يجب الوفاء بها.. وقد أثبتت الدراسات التي أجريت في العديد من الدول أن سبب تدهور الحالة الصحية _سواء البدنية أو النفسية_ للمرضى كبار السن يمكن في شعورهم الدائم بالوحدة، ربما لانشغال أولادهم عنهم بعدما كبروا أو ربما لتقدمهم في العمر في ظل عدم وجود أقارب أو أصدقاء لهم..
وحتى لا نُفرط في الحديث عن هذه النقطة يجب التنويه إلى أن الوحدة قد تكون مطلوبة ولكنها على سبيل الاستثناء وعلى فترات متباعدة للاستجمام أو مراجعة النفس في بعض الأمور، لكن لا ينبغي أن تكون هي المنهج الثابت لحياة أي شخص، فالإنسان كائن اجتماعي لا غنى له عن الآخرين.
التغلب على الروتين
لا تظن عزيزي القارئ أن التغلب على تلك المشكلة صعبًا أو مستحيلاً أو يتطلب منك حتى جهد إضافي، فكل ما عليك فعله هو مشاركة المناسبات الاجتماعية سواء للأهل أو الأصدقاء فهذا من شأنه أن يولد الاحتكاكات التي توسع دائرة علاقاتك، وبالتبعية تجعلك موضع اهتمام الكثير من هؤلاء..
ادعُ الأشخاص لزيارتك
كما شاركت في مناسبات لدى الآخرين عليك أن تجذب الآخرين لزيارتك فهذا سيجعلك تأخذ مكانًا هامًا لديهم ويساعدك كثيرًا على تقوية الروابط وتنمية علاقاتك وجعلها أكثر فاعلية.. فلا تفوت على نفسك الفرصة.
هل رأيت معي كم هي خطوات بسيطة ولا تتطلب جهدًا إضافيًا ولكنها بكل تأكيد تتطلب منك التجربة.. فخذ قرارك ولا تتردد.. اذهب هناك فقد تجد الكثير ينتظرك وهناك من يرغب في التعرف عليك.
كيفية الوصول للنتيجة المطلوبة
تتفاوت الأهداف من شخص لآخر.. ولا يمكن لي أن أحدد لك كيف تصل إلى النتيجة التي تتطلع إليها إلا من خلال معرفتي بما ترغب في تحقيقه.. ومن هنا كان يجب أن نضع أسس عامة بعيدة عن التفاصيل التي تختلف من شخص لآخر..
حدد هدفك
قبل أن تبدأ في تقييم النتائج عليك أولاً بتحديد الهدف الذي تسعى إليه.. فهل ترغب في توسيع دائرة علاقاتك، أو تريد الخروج من حالة نفسية مضطربة.. أم أنك تسعى لتطوير ذاتك عن طريق الاحتكاك بالآخرين.. أم أنك تسعى لهدف آخر.؟
هذا ما عليك تحديده أولاً حتى تستطيع فيما بعد أن تعمل على تقييم النتائج ومدى تناسبها مع أهدافك وتحديد الخطوات الأهم للوصول للنتيجة المطلوبة.
حدد الوقت
من المهم أن تحدد مدى زمني تُخضع فيه النتائج للتقييم، فلو أردت مثلاً أن تتعلم شيئًا جديدًا فعليك أولاً بتحديد مدة زمنية معينة لتقيم نفسك وترى هل وصلت إلى نتيجة جيدة أو لا.. فهذا من شأنه أن يجعلك تقف على التطورات أولاً بأول ومن ثم تحديد الاحتياجات تبعًا لما وصلت إليه من نتائج.
فكر بقلمك
من الأمور التي لا ندرك قيمتها جيدًا هي فائدة الكتابة في تثبيت الأفكار وبث الحماس وإشعال الطاقة لدينا في تنفيذ ما نقوم بكتابته، فلنتخيل معًا أنك قمت بكتابة خطة لتعلم لغة جديدة.. فكتبت أنك تحتاج أسبوعين لتعلم الحروف، ومثلهما لتعلم بعض الكلمات البسيطة.. فهنا قمنا بكتابة خطة تتحدد بمدى شهر تقريبًا، فعندما تقوم بتنفيذ أول خطوة وهي تعلم الحروف سترجع إلى الورقة التي قمت بكتابتها وترى أنك قد انتهيت من تنفيذ الجزء الأول من الخطة.. يا له من أمر رائع حقًا..!
بالفعل إنه أمر يثير الحماس ويبث العزيمة ويشعل الطاقة الإيجابية، فلم لا نستفيد من تلك الطريقة البسيطة التي لا تكلفنا إلا ورقة وقلم..؟!
عدل خطتك
إن ما نكتبه يوميًا من خطط ومهام واستراتيجيات ليس قرآنًا يُتلى، فنحن بشر نُصيب أحيانًا ونُخطئ أحيانًا أخرى، ومن الرائع أن نقوم بالتعديل كلما اكتشفنا أننا قد جانبنا الصواب، وفي الغالب أية خطة تخضع للتعديل لأن التطبيق العملي يكشف عن القصور في بعض الجوانب والإفراط في البعض الآخر.. حتى الدول دائمًا ما تقوم بتعديل التشريعات والقوانين التي تصدرها من حين لآخر كلما بدا لها أوجه القصور والعوار وعدم الفاعلية..
كن واقعيًا
لابد أن تكون واقعيًا في الخطوتين السابقتين.. فعند تحديد هدفك لابد من تحديد أهداف لا تتباعد كثيرًا مع الإمكانيات المتاحة لديك أو الظروف الواقعية حتى لا تصطدم بنتائج مُخيبة لآمالك رغم أنها واقعية تمامًا.
وعلى جانب آخر لابد من وضع وقت مناسب لتحقيق الهدف، فلا ينبغي أن يكون طويلاً إلى حد المبالغة ولا قصيرًا إلى حد التعجيز عن تحقيق النتيجة، وابتغِ بين ذلك سبيلاً.. فليس من المعقول أن تقوم بتحديد أسبوع واحد لبناء لياقتك البدنية والتخلص من الوزن الزائد وتحقيق أعلى معدل للياقة..!
فهذا الأمر من شأنه أن يصدمك بالنتائج غير المرضية رغم أنها لا تجافي الواقع لكنك لم تضعها في الحسبان.. لذلك كن واقعيًا.
لا تؤخر البداية
إذا كان هدفك لا يتطلب إمكانيات خاصة ولا وسائل كثيرة فلم لا تبدأ وأنت في قمة حماسك واستعدادك للسير نحو الأمام.. لا تؤجل كثيرًا يا صديقي فالتأجيل لا ينتهي والأعذار تتوالى حتى تهوي بك إلى القاع.. انظر كم أمضيت في التفكير دون فعل.. وكم أضعت من فرصة دون استغلال.. فهل جنيت شيئًا سوى الندم؟!
ابدأ على الفور ولا تترك الفرصة للندم يتسلل إليك مرة أخرى وتعلم من الماضي..
لا ترجع إلى الوراء
هذه النصية أذكرها دائمًا في شتى الموضوعات لأنها تمثل النقطة الأهم والتي قد لا يلتفت لها الكثير رغم أهميتها.. فما يفصلك عن الاستمرار في التطور هو خضوعك للعادة التي دائمًا ما تعود بك إلى الوراء، واستمرارك في العادات رغم ما تعانيه من ألم ووحدة قد يجعلك حبيسًا لها طوال حياتك.
أرجو أن أكون قد قدمت إليك عزيزي القارئ ما يساعدك على التغلب على الروتين ويدفعك نحو الأمام ويجدد لديك الطموح والرغبة.. دمتم في رعاية الله وحفظه.