استثمر وقتك
الوقت هو أغلى ما يملك الإنسان وربما هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن تداركه إذا فات.. فكيف للإنسان أن يستثمر وقته ويحقق أقصى استفادة؟
إن الكنز الحقيقي لدى أي إنسان هو إدراكه لقيمة الوقت، فلا يضيع دقيقة واحدة دون فائدة، ولا يسمح لأحد أن يسرق وقته.
في هذا المقال سوف نحاول معًا مناقشة موضوع استثمار الوقت الذي نُفضل أن يشمل قسمين
القسم الأول: أهمية الوقت
القسم الثاني: الاستفادة من الوقت
وبالطبع فكل قسم يحتوي على بعض العناصر الجديرة بالذكر لذلك سوف نحرص على تسليط الضوء بشأنها..
القسم الأول: أهمية الوقت
تبدو الأهمية الكبرى للوقت في أن العمر كالقطار يمضي ولا يعود، فإذا لم تنتبه لتلك الحقيقة ستصدمك الحياة وحينها لن يتسنى لك حتى مراجعة أخطاءك فما مضى من عمرك لن يعود إليك..
قد تبدو الكلمات السابقة قاسية ومؤلمة بعض الشيء.. إلا أنني تعمدت استخدامها لما فيها من تأثير إيجابي على التفكير وسرعة تدارك الأمور.
قد لا تشعر بأهمية السنوات التي تقضيها في طفولتك وربما لك العذر في هذا لأن الطفل لا يكون مسئول حتى عن نفسه، ولا يملك أية وسيلة لتغيير مصيره أو مستقبله دون مساعدة من حوله. وهذا أمر لا مراء فيه..
فلتنظر معي يا صديقي.. ما هو العامل الأساسي في وصولك لمركز اجتماعي مرموق؟
هل استيقظت يومًا ووجدت نفسك هكذا؟ بالطبع لا.. ولكن هذا نتيجة عمل طويل ومجهود وافر.. ولكن هل فعلت كل هذا في طرفة عين؟
أعتقد أن الإجابة أيضًا ستكون لا كسابقتها.. وهذا هو لُب الموضوع.. إذن فأنت احتجت إلى الوقت كي تتلقى التعليم الأساسي وما قبل الجامعي وصولًا إلى الجامعي وربما التحقت ببعض الدراسات الأخرى.. فالعنصر الأساسي في كل ذلك هو الوقت.
من ناحية أخرى أنت لم تصل إلى ما أنت فيه بمجرد دخولك لسوق العمل، بل بدأت بدرجة أقل تتناسب مع كونك لازلت مبتدئ، ثم واصلت التعلم واكتساب الخبرات وتدرجت رويدًا رويدًا حتى صعدت سلم النجاح ليس فقط بالتعليم والشهادات وإنما بالخبرة والكفاءة أيضًا.. فما العامل الأساسي في كل ذلك؟ نعم إنه الوقت.
هل وقتك كله ملك لك؟
أرى من وجهة نظري أنه لا يمكن للإنسان أن يمتلك كامل وقته، وإنما عليه بعض المهام الملقاة على عاتقه والتي يجب عليه مراعاتها مثل العبادة، العمل…الخ
وفيما دون ذلك فالإنسان هو صاحب القرار في تخصيص وقته لشيء ما أو عدم تخصيصه، ولا يخضع لقيود أخرى تسلبه هذا الحق.
الوقت كالسيف
لعلك سمعت العبارة الشهيرة “الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”، دقق النظر إليها جيدًا وحاول أن تتفادى هذا الأثر السلبي لها، فلا تدع الوقت يقطعك واملك زمام المبادرة بأن تُحكم سيطرتك على وقتك فالوقت من ذهب.
القسم الثاني: أهمية الوقت
لا تتلخص أهمية الوقت في أن تدرك فقط ما يجب عليك فعله، فالإدراك ما هو إلا مقدمة يجب أن تُسفر عن قناعات واتجاهات نحو المسار الصحيح.. ورأيت أن أجمع لك عزيزي القارئ أهمية الوقت في شيئين أساسيين هما:
-تنمية مهاراتك
-تحقيق أهدافك
فعن طريق الوقت فقط تستطيع اكتساب المزيد من المهارات وتنميتها، فعندما تقوم بتخصيص جزء من وقتك على سبيل الانتظام لتعلم مهارة ترغب في اكتسابها أو في تنمية مهارة تحتاج إلى تطويرها فهذا لا يمكن القيام به إلا باستخدام عنصر الوقت.
وعلى صعيد آخر تستطيع الوصول لأهدافك من خلال وضع خطط زمنية محددة مقسمة على فترات تقوم فيها بتحقيق هدفك خطوة بخطوة، ولا يمكن ذلك إذا لم تكن تدرك قيمة وقتك.
تحقيق الاستفادة القصوى من وقتك
هناك طرق قد لا تكون بسيطة إلى حد سهولة تطبيقها.. لكنها أيضًا ليست صعبة إلى حد استحالتها، بل إنها تتوسط ما بين السهولة والاستحالة بالقدر الذي تكون فيه متاحة للجميع إذا ما قاموا باستغلال الفرص..
نظم وقتك
لا يستطيع الإنسان تحسين إنتاجيته دون أن ينظم وقته، حتى يستطيع إخراج كل الأمور التي تستهلك الوقت دون فائدة.. ولنضرب مثالاً على ذلك..
تخيل أنك في غرفتك التي تستوعب فردين.. ويوجد بالغرفة سريرين، ودولاب.. حسنًا هذه الأشياء لا تمثل عقبة.. لكن العقبة فيما يلي..
على جوانب الغرفة توجد بعض الكتب الملقاة بشكل عشوائي، وعلى السريرين توجد بعض الملابس، وعلى الأرض بعض زجاجات المياه الفارغة والمياه الغازية وربما معلبات العصائر….الخ
هل بهذا الوضع تستوعب هذه الغرفة أكثر من طفل صغير؟
حسنًا.. فهلا فكرت معي بإزالة كل شيء غير ضروري من الغرفة.. فلنبدأ بالسريرين.. هيا نقوم بوضع الملابس في الدولاب الخاص بها.. ثم ننتقل إلى الكتب ونضعها في مكانها المناسب.. والآن بقيت الأرض التي لا تعطينا حتى فرصة للتجول.. فلنقم بتنظيفها من الزجاجات….. والآن.. انظر إلى الغرفة وهي تستوعب أكثر مما كانت عليه قبل قليل..
المغزى من المثال
الغرفة هي يومك المعتاد.. والأشياء التي تزاحمها هي كل ما يستهلك وقتك ويقلل من انتاجيتك.. فهل تريد أن تكون منظمًا حتى تستطيع القيام بمهام أكثر وبشكل أسرع وأفضل؟
إجابتك هي حق لك.. ولك مطلق الحرية في تحديد رغبتك.
لا تهدر وقتك
يقول أحد رواد التنمية البشرية العالمي الدكتور إبراهيم الفقي “اقتل لصوص الوقت”
وفي إطار شرحه لتلك العبارة يقول لا تكن خجولًا إلى الحد الذي يجعل الآخرين يستغلونك لقضاء حوائجهم على حساب وقتك.. كن لطيفًا معهم، ولا بأس من تقديم المساعدة، ولكن احذر أن تكون مسخرًا فقط لقضاء حوائجهم بدلًا عنهم.. فشتان الفرق بين طلب المساعدة والتكاسل.. فالمتكاسل يرغب دائمًا في أن يعطي مهامه للآخرين للقيام بها بدلًا عنه، فلا تكن أنت الضحية.
ومما ينبغي الإشارة إليه أنه لا مانع من الاعتذار بلباقة فالأسلوب الحسن مطلوب دائمًا، وليس معنى رفضك القيام بشيء ما أن تستخدم أسلوب الغلظة..
أيضًا عليك استبعاد الأمور الأخرى التي تستهلك وقتك بشكل مفرط مثل استخدام الهاتف المحمول لساعات طويلة في التجول العشوائي عبر الإنترنت.. فهذا من شأنه أن يهدر وقتك دون فائدة.
خصص وقتك
قد يخفى على الكثير منا أهمية تخصيص وقتًا محددًا يوميًا أو أسبوعيًا للقيام بعمل معين أو تعلم شيئًا جديدًا رغم ما في ذلك من فوائد كبيرة.. فلو مثلا قررت تخصيص نصف ساعة يوميًا لتقوية مهارتك في استخدام الحاسب الآلي ستجد نفسك في خلال شهر واحد قد استثمرت ١٥ ساعة قمت فيها بتطوير مهاراتك بطريقة بسيطة جدًا لم تكلفك سوى قرار ليس بالصعب وهو العزم على تخصيص تلك النصف ساعة..
لا تتراجع
دائمًا ما أختتم المقال بتلك الجملة نظرًا لأهميتها القصوى.. فكثير منا يبذل الجهد ويسلك الخطوات اللازمة لكنه يتراجع بعد فترة طالت أو قصرت.. ولعل هذا هو الفارق ما بين الرغبة والإصرار.. فكلنا نرغب بأن نصبح أفضل.. لكن لسنا جميعًا نُصر على ذلك بل كثير منا يتراجع ويعود للخلف مرة أخرى.. وأنت يا صديقي من يقرر أي النتيجتين سيحقق.
وهنا نكون قد وصلنا لنهاية الموضوع ونأمل أن يكون نقاشنا مثمر ونترككم في رعاية الله وحفظه.